السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا شيخ هل يجوز قول أو كتابة عبارة (انشرها بقدر حبك لله أو للرسول) وغيرها من ما تشابهها من الألفاظ
أنا حبيت أسأل لأنها منتشرة ولاعتقادي أنها حرام ودائما ما تغيظني لأن حب الله والرسول صلى الله عليه وسلم لا يتقيد بشيء .
وشكرا
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وهل مقياس حب النبي صلى الله عليه وسلم هو مقدار ما ينشر الواحد منا الصلاة عليه ، عليه الصلاة والسلام ؟
ثم إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مِن الأذكار والأدعية التي يُشترط فيها تحريك الشَّفَتَين ، ولا يُقتصر فيها على الكتابة إلاّ في الكتب والرسائل ونحوها .
وكَم مِن مُدّعي محبته صلى الله عليه وسلم وحاله وواقعه خِلاف ذلك .
إن الدعوى لا بُدّ لها مِن بيّـنَة تُثبِت صِحّة الدعوى .
ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم ليست بالأقوال، بل هي بالأفعال أقوى ، وأقوى الأفعال الاقتداء والاتِّبَاع والطاعة .
قال تعالى : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
قال الحسن البصري وغيره من السلف : زعم قوم أنهم يُحِبَّون الله ، فابتلاهم الله بهذه الآية .
قال ابن كثير رحمه الله : هذه الآيةُ الكريمة حاكمةٌ على كل من ادّعى محبة الله وهو على غير الطريقة المحمدية فإنه كاذبٌ في دعواه في نفس الأمر حتى يتّبع الشرعَ المحمدي والدينَ النبوي في جميع أقوالِه وأفعالِه . اهـ .
وقال ابن القيم رحمه الله في إثبات دعوى الْمَحَبَّة :
أول نَقْدة من أثمان الْمَحَبة بَذْل الروح ، فما للمُفْلِس الْجَبَان البخيل وسَومها ؟
بِدَم الْمُحِبّ يُباع وَصلهم ... فمن الذي يبتاع بالثمن
تالله ما هَزُلت فيستامها المفلسون ، ولا كسدت فيبيعها بالنسيئة المعسرون !
لقد أُقِيمت للعَرض في سوق مَن يزيد ، فلم يُرْض لها بثمن دون بذل النفوس .
فتأخر البطَّالون وقام الْمُحِبُّون ينظرون أيهم يصلح أن يكون ثمنا ، فَدَارت السلعة بينهم ووقعت في يَدِ (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) .
لَمَّا كَثُر الْمُدَّعُون للمَحَبَّة طُولِبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى ، فلو يعطى الناس بدعواهم لادَّعَى الْخَلِيّ حُرْقة الشَّجِيّ ؛ فَتَنَوَّع الْمُدَّعُون في الشهود ، فقيل : لا تُقْبَل هذه الدعوى إلاَّ ببينة (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) ، فَتَأخَّّر الْخَلْق كُلّهم وثَبَت أتباع الحبيب في أفعاله وأقواله وأخلاقه ، فَطُولِبوا بِعَدَالة البينة بِتَزْكِية (يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) .
فتأخَّر أكثر الْمُحِبِّين وقام المجاهدون ، فقيل لهم إن نفوس المحبين وأموالهم ليست لهم فَهَلِمّوا إلى بيعة (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) .
فَلَمَّا عَرَفوا عَظَمة المشتري وفَضْل الثمن وجَلالة مَن جَرَى على يديه عقد التبايع عرفوا قَدْر السلعة ، وأن لها شأنا ، فرأوا مِن أعظم الغَبن أن يَبيعوها لِغيره بِثمن بَخْس ، فَعَقَدوا معه بيعة الرِّضْوان بِالتراضي مِن غير ثبوت خيار ، وقالوا : والله لا نقيلك ولا نستقيلك !
فَلَمَّا تَمّ العقد وسَلّمُوا المبيع ، قيل لهم : مُذ صارت نفوسكم وأموالكم لنا رَدَدناها عليكم أوْفَر ما كانت وأضعافها معا (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) .
وقال رحمه الله :
إذا غُرِست شجرة الْمَحَبة في القلب وسُقِيت بماء الإخلاص ومُتابعة الحبيب أثمرت أنواع الثمار ، وآتت أكلها كل حين بإذن ربها ، أصلها ثابت في قرار القلب ، وفَرْعها مُتَّصِل بِسِدْرة المنتهى .
وسبق :
هل يجوز تداول رسائل تُختتم بِـ ( لا تجعلها تقف عندك بادر في نشرها صدقة في روح فلان) ؟
http://almeshkat.net/vb/showthread.php?p=524817هل يصح موضوع (ماذا سأقول لحبيبي ؟) ؛ ويقصدون رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
http://almeshkat.net/vb/showthread.php?p=524818والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?t=119590#gsc.tab=0