[ الحلقة الرَّابِعـة ]
- - - - - -
تركت مروة السَّحُورَ ، وذَهَبَت لِغُـرفتِها ، وهِيَ تَحبِسُ دُمُوعَها .
وما إن أغلَقَت بابَ غُرفتِها ، حتَّى أجهَشَت بالبُكاءِ : ما لأُمِّي
تُفضِّلُ هُدى عليَّ ، رغمَ أنِّي أكبرُ منها ! ثُمَّ إنِّني ساعدتُها مَرِّاتٍ
ومَرَّاتٍ ، فلم تذكُر إلَّا هذه المَرَّةَ التي لم أُساعِـدها فيها وتمضي الأيامُ ، وينتصِفُ الشهرُ ، و هدى قريبةٌ مِن والِدَيْها ،
خَدُومَةٌ لهما ، وما تبقَّى لها مِن وقتٍ تتفرَّغُ فيه لِلعِبادةِ ، أمَّا
مروة فكُلُّ يومٍ يَمضِي يزدادُ تأنيبُ نَفْسِها لها ، ولكنَّها على حالِها ،
تُريدُ أن تستغِـلَّ وقتَها ، ثُمَّ تُسَوِّفُ وتُفَوِّتُ الأَهَمَّ ، بأُمُورٍ غَيرِ
مُهِمَّةٍ . كما أنَّ إعجابَ والِدَيْها بهُـدى ، ومدحهما ، والثناء عليها
دائماً ، زادها عِناداً .
أمَّا شهد فقـد تدهوَرَت حالةُ أُمِّها ، ورَقَـدَت في المُستشفَى ،
وكانت هِيَ مُرافِقةً لها هناك ، وقَـلَّ تواصُلُها مع مروة .
# وبعد الإفطار :
تُفاجَأ مروة باتِّصالٍ مِن صديقتِها نورة .
نورة : السَّلامُ عليكم ورَحمةُ اللهِ وبركاتُه .
مروة : وعليكم السَّلامُ ورَحمةُ اللهِ وبركاتُه .
أهلا نورة ، يَعلمُ اللهُ كَم أرتاحُ لِسَماعِ صَوتِكِ ،
والحَديثِ مَعـكِ .
نورة : أسعـدكِ المَولَى حبيبتي .
كيف حالُكِ ؟ وكيف قَضَيْتِ الأيَّامَ المَاضِيَة ؟
مروة : الحمدُ لله ، لكنْ .....
نورة : لكنْ ماذا ؟
مروة : أشعُـرُ بضِيقٍ يا نورة ()
نورة : أيُّ ضِيقٍ يا حبيبة ونَحنُ في شَهرِ الرَّحمات ! أيُّ ضِيقٍ
ونَحنُ في لَذَّةِ العِباداتِ نتقلَّبُ ، في النَّهارِ صَوْمٌ للهِ ، وبالَّليلِ
قِيَامٌ بين يَدَيْهِ ، وتِلاوةٌ ، وذِكـرٌ ، وصَدَقَاتٌ .
مروة : آه يا نورة ، وهذا الذي يُؤلِمُني . أرى النَّاسَ تَمضِي ، وأنا مكاني .
نورة : وما الذي يَمنعُـكِ يا مروة ؟ عَـرفتُـكِ مُحِبَّةً للخَيرِ ، سَبَّاقَةً إليه .
مروة : لا شيءَ ، لَيتني أخذتُ بنصيحتِكِ . لا يَمنعُني شيءٌ سِوَى
التَّسويف ، وتضييع الأوقاتِ ، حتَّى والِدَيَّ لَم أقُم بحَقِّهِما .
نورة : تداركِي نَفْسَـكِ يا حبيبة ، فما هِيَ إلَّا أيَّامٌ مَعـدوداتٌ ، وتنقضي .
مروة : نعم , جزاكِ اللهُ خيرًا يا نورة . نِعْمَ الصَّدِيقَةُ أنتِ .
نورة : وإيَّاكِ يا مروة .
هَيَّا يا حبيبة ، أستودِعُـكِ الله .
إلى الِّلقاء .
مروة : في أمانِ الله .
تأخُذُ مروة مُصحَفَها ، وتتلوا آياتٍ مِنَ القُرآنِ الكَريمِ ،
وكأنَّها تقرؤها لأوِّلِ مَرَّةٍ .
لقـد كانت مُكَالَمةُ نورة عونًا لها بعـد اللهِ ؛
لِتَشُدَّ عَزيمتَها ، وتُفِيقَ مِن غَـفلتِها .
وها هِيَ مروة تُفكِّرُ كيف تُرضِي والِدَيْها ، وتكسب حُبَّهما ، بعـد
أن كانا مُتضايقَيْنِ منها في الأيَّامِ المَاضِيَةِ . فتذهَبُ للجُلُوسِ مع
أُمِّها و هُدى ، وقبل أن تدخُلَ تَسمَعُ أُمَّها و هُدى تتحدَّثان ،
وهُنا تفاجَأت مروة بما يقولان .
تُـرَى ماذا كانت تقول الأُمُّ لـ هُـدى ؟
هـذا ما سنعرفُه في الحَلقةِ القادمةِ والأخيرةِ
بإذن الله ()