أسماء الله تعالى كلها حسنى :-
لقد امتدح الله في القرآن الكريم أسماءه العظيمة بوصفها كلها أنها حسنى
وتكرر وصفها في القرآن في أربعة مواضع :
قال تعالى :
" وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ "
وقال تعالى :
" قُلِ ادْعُواْ اللَّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى "
وقال تعالى :" اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى"
وقال تعالى:" هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ".
و ففي هذه اﻵيات وصف ﻷسمائه سبحانه جميعها بأنها حسنى ؛ أي : بالغة في الحسن كماله ومنتهاه ،وهي تأنيث (اﻷحسن( ﻻ ) الحسن (فهي على وزن (فعلى )
مؤنث ( أفعل )
التفضيل معرفة بالﻻم ؛أي : ﻻ احسن منها بوجه من الوجوه بل لها الحسن الكامل التام المطلق ؛ لكونها أحسن اﻷسماء وهو المثل اﻷعلى في قوله سبحانه :
"وله المثل اﻷعلى في السموات واﻷرض "
أي : الكمال اﻷعظم في ذاته وأسمائه وصفاته
ولذا كانت احسن اﻷسماء؛ بل ليس في اﻷسماء أحسن منها وﻻيسد غيرها مسدها ، وﻻيقوم غيرها مقامها
وﻻيؤدي معناها ، وتفسير اﻻسم منها بغيره ليس تفسيرآ بمرادف محض ؛ بل هو على سبيل التقريب والتفهيم ؛ لكمالها في مبناها ومعناها ،ولحسنها في الفاظها ومدلوﻻتها فهي أحسن اﻷسماء ، كما أن صفاته سبحانه أكمل الصفات والوصف بالحسنى وصف لها كلها ، فهي كلها حسنى ليس فيها اسم غير ذلك ؛ ﻷنها كلها اسماء مدح وحمد وثناء وتمجيد
والله تبارك وتعالى لكماله وجلاله وجماله وعظمته ﻻيسمى إﻻ باحسن اﻷسماء
كما أنه ﻻيوصف إﻻ بأحسن الصفات ،وﻻيثنى عليه إﻻبأكمل الثناء وأحسنه وأطيبه .
{ فقه الاسماء الحسنى _ ل عبد الرزاق عبد المحسن البدر}
( ٢٩ )
أسماء الله تعالى كلها حسنى :-
أسماء الله كلها حسنى لكونها قد دلت على صفات كمال عظيمة لله
فما كان من اﻷسماء علماً محضاً ﻻيدل على صفة لم يكن من اسماء الله
وماكان منها ليس دالاً على صفات كمال ؛ بل إما دالاً على صفات نقص او صفات منقسمة إلى المدح والقدح لم يكن من أسماء الله
فأسماء الله جميعها توقيفيه دالة على صفات كمال ونعوت جلال للرب تبارك وتعالى
فهي حسنى باعتبار معانيها وحقائقها
ﻻ بمجرد ألفاظها ؛اذ لو كانت ألفاظاً ﻻمعاني فيها
لم تكن حسنى ، وﻻ كانت دالة على مدح وكمال
ولساغ وقوع اﻷسماء الدالة على البطش واﻹنتقام والغضب في مقام اﻷسماء الدالة على الرحمة واﻹحسان
وبالعكس ؛ فيقال : اللهم إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك شديد العقاب
او : اللهم اعطني فإنك انت القابض المانع ، ونحو ذلك من الكلام المتنافر غير المستقيم .
ولهذا ؛ فإن كل اسم من اسماء الله دال على معنى من صفات الكمال ليس هو المعنى الذي دل عليه اﻹسم اﻵخر فالرحمن -مثلاً- يدل على صفة الرحمة
والعزيز يدل على صفة العزة
والخالق يدل على صفة الخلق
والكريم يدل على صفة الكرم
والمحسن يدل على صفة اﻹحسان وهكذا
وإن كانت جميعها متفقة في الدﻻلة على الرب تبارك وتعالى ولذا فهي من حيث دﻻلتها على الذات مترادفه
ومن حيث دﻻلتها على الصفات متباينه ؛ لدﻻلة كل اسم منها على معنى خاص مستفاد منه .
{ فقه الاسماء الحسنى _ ل عبد الرزاق عبد المحسن البدر}
( ٣٠ )
أسماء الله تعالى كلها حسنى :-
قال العلامة ابن القيم رحمه الله :
"اسماء الرب تبارك وتعالى كلها اسماء مدح
ولو كانت الفاظاً مجردة ﻻمعاني لها لم تدل على المدح
وقد وصفها الله سبحانه بأنها حسنى كلها فقال :
" وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ "
فهي لم تكن حسنى لمجرد اللفظ
بل لدﻻلتها على اوصاف الكمال.
ولهذا لما سمع بعض العرب قارئاً يقرأ:
" وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ "
"والله غفور رحيم"
قال : ليس هذا بكلام الله تعالى ، فقال القارئ :
اتكذب بكﻻم الله تعالى؟! فقال : ﻻ
ولكن ليس هذابكلام الله فعاد إلى حفظه وقرأ:
"والله عزيز حكيم "
فقال اﻷعرابي :صدقت ؛ عز فحكم فقطع
ولو غفر ورحم لما قطع .
ولهذا اذا ختمت آية الرحمة باسم عذاب أو بالعكس ؛
ظهر تنافر الكلام وعدم انتظامه ".
وعلى هذا ، فإن دعاء الله بأسمائه المأمور به في قوله :"فادعوه بها" ﻻيتأتى إﻻ مع العلم بمعانيها
فإنه ان لم يكن عالماً بمعانيها ربما جعل في دعائه اﻻسم في غير موطنه ، كأن يختم طلب الرحمه باسم العذاب اوالعكس ، فيظهر التنافر في الكلام وعدم اﻻتساق
ومن يتدبر اﻷدعية الواردة في القرآن الكريم أو في سنة النبي صلى الله عليه وسلم يجد انه مامن دعاء منها يختم بشء من اسماء الله الحسنى إﻻ ويكون في ذلك اﻻسم ارتباط وتناسب مع الدعاء المطلوب ؛
كقوله تعالى :
" رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ "
وقوله :
" رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِين "
َ
وقوله :
" رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ "
وهكذا الشأن في عامة الدعوات المأثورة .
{ فقه الاسماء الحسنى _ ل عبد الرزاق عبد المحسن البدر}
( ٣١ )